ونظراً لنشاطه العلمي في البحث والتأليف، فقد رأت جامعة أم القرى أن تسند إليه تحقيق بعض كتب التراث الإسلامي، فعيّن باحثاً علمياً في مركز (البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي)، فاشتغل في تحقيق كتاب (معاني القرآن) للإمام أبي جعفر النحاس، المتوفى سنة: ٣٣٨ هـ، وقد خرج الكتاب في ستة أجزاء.
ولد الشيخ المترجم له في مدينة حلب، سنة: تسع وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة، ونشأ في أحضان أسرة محبة للعلم والعلماء، فوالده الشيخ جميل أحد كبار علماء حلب في عصره، ومن هذه الأسرة المباركة خرج كثير من علماء حلب، مثال الشيخ عطاء الله الصابوني، والشيخ أحمد الصابوني، وغيرهم من العلماء، وقد ورث الشيخ المترجم له عن والده حبّ العلم، وأخذ عنه الكثير من العلوم الشرعية والعربية.
تلقى مبادئ العلوم العربية والشرعية، وحفظ أجزاء من القرآن الكريم في أحد كتاتيب المدينة، ثُم أكمل حفظه وهو في المرحلة الثانوية، ودرس المرحلة الابتدائية في إحدى المدارس النظامية الحكومية، وأتم دراسته الابتدائية بنجاح باهر وتفوق ملحوظ، انتسب بعدها إلى الثانوية التجارية في حلب، ودرس فيها مدة، وكان من المتفوقين على رفاقه فيها، إلا إنّ دراسة التجارة لم تنسجم مع ميوله الشرعية التي تأبى دراسة المعاملات الربوية فترك المدرسة، وانتسب إلى المدرسة (الخسروية)، التي كانت تسمى (الكلية الشرعية)، وفيها التقى كوكبة من شيوخه العلماء الكبار، أمثال: الشيخ محمد سعيد الإدلبي، والشيخ أحمد الشماع، والشيخ محمد نجيب خياطة، والشيخ محمد زين العابدين الجذبة، والشيخ محمد راغب الطباخ، والشيخ محمد السلقيني، والشيخ محمد أسعد العبه جي، والشيخ عبد الله حماد، والشيخ محمد ناجي أبو صالح، وغيرهم من علماء حلب الأفاضل، وقد أخذ عنهم علوم القرآن الكريم والتفسير والحديث النبوي الشريف ومصطلحه، والفقه وأصوله، والفرائض والسيرة النبوية المطهرة والتاريخ الإسلامي، وعلوم اللغة العربية، نحوها وصرفها وبلاغتها وآدابها، بالإضافة إلى بعض العلوم الكونية، كالرياضيات والعلوم العامة والفيزياء والكيمياء والجغرافيا واللغة الإنكليزية، وغيرها من العلوم.
وتابع الشيخ دراسته في هذه المدرسة بجد واجتهاد، إلى أن تخرج بها بتفوق ملحوظ سنة:١٣٦٩ هـ – ١٩٤٩ م.
ونظراً لتفوقه في الدراسة في (الكلية الشرعية)، فقد بعثته وزارة الأوقاف إلى القاهرة، ليتابع دراساته الشرعية على نفقتها، وشدّ الشيخ المترجم له رحاله إلى القاهرة، وانتسب إلى كلية الشريعة في جامعة الأزهر، وانصرف إلى الدراسة فيها بكلّ جدّ واجتهاد، إلى أن تخرج فيها، سنة: ١٣٧٢ هـ – ١٩٥٢ م، وتابع الشيخ دراساته العليا التخصصية في الأزهر الشريف، إلى أن حصل على شهادته (العالمية) باختصاص، (القضاء الشرعي)، وذلك سنة: ١٣٧٥ هـ – ١٩٥٥ م.
عاد الشيخ بعدها إلى موطنه حلب، ليعمل على نشر العلم الذي حصله، وإفادة الطلاب من بني وطنه، فعمل مدرساً لمادة التربية الإسلامية في عدد من ثانويات حلب، ودور المعلمين فيها، وظل على عمله في التعليم إلى عام: ١٩٦٢م، انتدب بعدها إلى المملكة العربية السعودية أستاذاً مُعاراً، من وزارة التربية في سورية، للتدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وكلية التربية بجامعة الملك عبد العزيز، فرع مكة المكرمة، وكان على رأس البعثة السورية إلى المملكة آنذاك، فدرّس فيها ما يقارب ثمانية وعشرين عاماً، وتخرج على يديه أساتذة الجامعة في هذه الفترة الطويلة.
ونظراً لنشاطه العلمي في البحث والتأليف، فقد رأت جامعة أم القرى أن تسند إليه تحقيق بعض كتب التراث الإسلامي، فعيّن باحثاً علمياً في مركز (البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي)، فاشتغل في تحقيق كتاب (معاني القرآن) للإمام أبي جعفر النحاس، المتوفى سنة: ٣٣٨ هـ، وقد خرج الكتاب في ستة أجزاء.
انتقل الشيخ بعدها للعمل في رابطة العالم الإسلامي، مستشاراً في (هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة)، وبقي فيها عدة سنوات، تفرغ بعدها للتأليف والبحث العلمي، ورغم انشغال الشيخ المترجم له في نشر العلم، وإفادة الطلاب عن طريق التدريس في الجامعة، وتأليف الكتب المفيدة، وتحقيق كتب التراث، لم يغفل عن الدعوة إلى الله بين صفوف العامة من الناس، فقد كان له نشاط دعوي واسع، وذلك من خلال دروسه في المسجد الحرام بمكة المكرمة، وتصدره للإفتاء فيه في مواسم الحج، كما كان له درس أسبوعي في التفسير، في أحد مساجد مدينة (جدة)، امتد لفترة ما يقارب الثماني سنوات، فسّر خلالها لطلاب العلم أكثر من ثلثي القرآن الكريم، وهي مسجلة على أشرطة كاسيت، كما قام الشيخ بتسجيل وتصوير أكثر من ستمئة حلقة لبرنامج لتفسير القرآن الكريم كاملاً، ليعرض في تلفزيون المملكة العربية السعودية، وقد استغرق هذا العمل زهاء السنتين، وقد أتمه نهاية عام ١٤١٩هـ.
شارك الشيخ المترجم له في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية، واختارته اللجنة المنظمة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، سنة: ١٤٣١هـ، ليكون (شخصية العام الإسلامية)، وذلك نظراً لجهوده المتواصلة في خدمة الدين الإسلامي والمسلمين، من خلال العديد من الكتب، والإنتاج الغزير في المؤلفات، وخاصة تفسير القرآن الكريم، وصرح رئيس اللجنة المنظمة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بمقر الجائزة: (إن اختيار الشيخ
الصابوني جاء بناءً على كثير من المعايير التي تم وضعها من الجائزة لاختيار الشخصية الإسلامية)، وقال: (إن الشيخ الصابوني من العلماء المتميزين في شتى العلوم الشرعية، وعلوم القرآن الكريم خاصة، وتضم أعماله كتاب صفوة التفاسير، وروائع البيان في تفسير آيات الأحكام وغيرها)، وردّ الشيخ المترجم له قائلاً: إنني نذرت نفسي لخدمة كتاب الله عز وجل، وللعلوم الشرعية من أجل الإسلام والمسلمين.
كما كرمه الشيخ عبد المقصود خوجة، في (إثنينيته)، وذلك مساء يوم الاثنين الواقع في ١٤١٠/٤/٨ هـ، الموافق لـ ١٩٨٩/١١/٦ م، وقد ألقي في الاحتفال عدد من كلمات العلماء الافاضل، الذين أشادوا بعلم المترجم وأخلاقه، نذكر منهم: الأستاذ محمد حسين زيدان، والأستاذ الشيخ الحبيب بلخوجة، والأستاذ عبد الفتاح أبي مدين، والأستاذ الشيخ محمد عبده يماني، ومما جاء في كلمة الشيخ محمد عبده يماني، قوله: (والحق إن الشيخ الصابوني يستحق كلً التقدير، لأنه رجل عمل في صمت، وصدق، وصبر وإيمان، وتقبل النقد بصدر رحب، وصبر على الأذى… وأشهد إن هذا الرجل خدم العلم بأخلاق العلماء الذين عهدناهم في الأزمنة الغابرة)، والقى شاعر طيبة الأستاذ الشيخ محمد ضياء الدين صابوني، قصيدة طويلة نذكر منها هذا البيت:
لك يا علي مآثر محمودة … لا زلت في التفسير خير إمام
وللشيخ مؤلفات عديدة في شتى العلوم الشرعية والعربية، ألفها في مشواره العلمي الطويل، لاقت قبولاً وانتشاراً واسعاً بين طلاب العلم في شتى أنحاء العالم الإسلامي، وترجم العديد منها إلى لغات مختلفة، وقد زادت مؤلفاته حتى الآن على الأربعين مؤلفاً موزعة بين تأليف وتحقيق منها:
١- المواريث في الشريعة الإسلامية.
٢- من كنوز السنة، دراسة أدبية ولغوية من الحديث.
٣- النبوة والأنبياء، دراسة تفصيلية لحياة الرسل المذكورين في القرآن.
٤- روائع البيان في تفسير آيات الأحكام من القرآن (جزآن).
٥- صفوة التفاسير.
٦- قبس من نور القرآن الكريم.
٧- التفسير الواضح الميسر.
٨- كشف الافتراءات في رسالة التنبيهات حول صفوة التفاسير.
٩- التبصير بما في رسائل بكر أبو زيد من التزوير.
١٠- مختصر تفسير ابن كثير، اختصار وتحقيق (ثلاثة أجزاء).
١١- شبهات وأباطيل حول تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم.
١٢- رسالة الصلاة.
طيب القلب، عف اللسان، جريء في قول الحق، يجهر بما يؤمن به، ويعتقد صوابه، صبور على طلب العلم وبذله، يسع من يخالقه وينال من أعماله ومؤلفاته، ولا يدفع تطاوله إلا بالحكمة وبالتي هي أحسن، متواضع لا يري نفسه إلا طالب علم، رغم ما وصل إليه من المكانة العلمية، كثير العبادة وتلاوة القرآن الكريم، عظيم الخشية من الله تعالى.
جميل الوجه، مهاب الطلعة، زادته لحيته البيضاء الجميلة جمالاً ووقاراً، يزين رأسه بعمامة بيضاء، وقد يضع فوقها منديلاً أبيضاً.
لما کتب الشیخ الصابومی کتاب صفوة التفاسیرذيَّل تقديمَه له بقوله: “واللهَ -تعالى- أسألُ أنْ يُسدِّد خُطاي، ويجزل لي الثواب يوم المآب. فما عملتُ إلا أملاً بنَيْلِ رِضاه، راجيًا منه أنْ يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم، ويُبقيَه ذُخرًا لي يوم الدين. وأرجو مِمَّن قرأ منه فاستفاد أنْ يخصَّني بدعوة صالحة تنفعني يوم المَعاد. وصلَّى اللهُ على سيدنا مُحمد وآله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا”.
وإذا كان الشيخ قد رجا مِمَّن قرأ تفسيره أنْ يخصَّه بدعوة تنفعه يوم المعاد؛ فهيَّا بنا جميعًا نتوجَّه إلى دُرَّة ما كتب “صفوة التفاسير” لنقدِّمه إلى مَن لا يعرفه، ونوضِّح شأنه إلى مَن عرفه لتكون دعوةً إلى الكتاب وقراءته، وتكون حثًّا لكلّ قارئ على الدعاء للشيخ الذي فارقنا منذ أيام معدودة. وسأكون مُختصرًا في التعريف بهذا العمل الجليل، أحاول أنْ أقف على قيمته وجُهد كاتبه فيه، وعلى منهجه خاصةً حتى يستطيع كلُّ مُسلم استخدامه بصورة صحيحة واضحة.
هدف الكتاب وظروف تأليفه
يشرح الشيخ في مقدمته أنَّ هدفه هو صنع محاولة تفسيريَّة تتلاءم مع رُوح العصر؛ حيث وجد الناس قد ضاقت بهم دائرة المعايش، وصاروا في شغل عن مُطالعة كتب التفسير القديمة المُطوَّلة، مع ضرورة وجود تفسير يقتنيه المسلم عمومًا ليجد فيه بُغيته وطلبه حينما يغمُضُ عليه معنى من معاني القرآن، أو يريد أنْ يفهم موضعًا من مواضعه، أو كلمة من كلماته. وكانت حاجة كلّ مُسلم، وكذلك ظرف العصر الدَّافعَيْنِ للشيخ لتأليفه.
وقد استعان شيخنا بمُجاورته لبيت الله الحرام؛ حيث كان أستاذًا في كلية الشريعة والدراسات الإسلاميَّة بمكة المكرَّمة ليعمل على إنتاج هذا الكتاب. ولمُجاورة الكعبة دافع لا يمكن تقديره إلا بالتجربة الفعليَّة. وإنْ لمْ نجرِّب فكيف هو الحال بمَن يطالع بيت الله بهيبته وجلاله والمُسلمون يؤمُّونه ليل نهار، ورياح الطاعة والطمأنينة تدركك أينما كنتَ؟
ومن علامات قبولِ الله الجهدَ هذا القبولُ الواسعُ من أهل العلم، ومن أهل الحقّ، وهذا الانتشار في الأرض لكتابه. وهذه نفحات الله هو مُنعِمها لا تأتي للعبد بجهده، بل من الله بفضله.
خصائص تفسير “صفوةالتفاسير”
إنَّ أوَّل ما يُقابل الناظِرَ في هذا التفسير من خصائص هو سهولة التفسير ويُسره؛ وهذا هدف رئيس من أهداف الشيخ في تفسيره، بل لعلَّه عُمدة أهدافه. والمقصود بخصيصة السهولة هُنا سهولة السياق العامّ للتفسير، وكذلك اختيار التفسير الأنسب للمُتلقي العامّ غير المُهتمّ بالتداخُلات العلميَّة في العمليَّة التفسيريَّة، وكذلك سهولة الألفاظ والتعابير التي سينقل من خلالها الشيخُ تفسيرَه للقارئ. وقد وُفِّق الشيخ أيَّما توفيق.
كتاب “صفوة التفاسير” يعتمد على مناهج علم التفسير التي تمَّ اختبارُها على مدى عُمر هذا العلم، ونالت ثقة الأولين والآخرين فيه ولعلَّ جميع هذه العوامل يُوضِّح سبب تسمية الشيخ كتابه “صفوة التفاسير”، فهو في تسميته لمْ يكُن مادحًا لعمله، بل واصفًا إيَّاه.
منهج “صفوة التفاسير” العامّ
لكنْ بالعموم في المنهج العامّ اعتمد الشيخ على التفسير الجامع بين مُختلف الآليَّات التفسيريَّة: الشرعيَّة، العُرفيَّة، اللُّغويَّة. وقد فعَّل تفسير القرآن بالقرآن، ثمَّ بالسنة، ثمَّ بالآثار وأقوال الصحابة. لكنَّه في كلٍّ كان مُعتمدًا على غالب التراث التفسيريّ السابق عليه، مع إكثاره الاعتماد على تفسير القرطبيّ، وتفسير ابن حيَّان، ومُختصر تفسير ابن كثير، وتفسير الزمخشريّ. ولمْ يعتمد الشيخ الصابونيّ على منظومة العلوم القرآنيَّة التراثيَّة ليُبيِّنها رأسًا، بل اعتمد عليها كأدوات تفسيريَّة.
ومنهج “صفوة التفاسير” علی قسمین:
فالأول: قسم تهيئة السُّوَر، وفيها اعتمد على ذِكر اسم السُّورة، وبين يَدَيْ السُّورة، وسبب التسمية وفضل السورة
وبعد هذا القسم يبدأ في تفسير الآيات من كلّ سورة. وذلك على المنهج الآتي:
والثاني: قسم تفسير الآيات المُفردة:
إيراد الآيات في بدایة الأمر
المُناسبة: وهي من أهمّ ما أتى به الشيخ في تفسيره؛ حيث يُخصِّص هذا العنوان الفرعيّ دومًا للعلاقة التي تربط دَفعةَ الآيات هذه بما سبقتها من آيات. وهذا يفيد المُسلم أشدّ الإفادة فيوضِّح له اتساق النظم القرآنيّ، ويترك القارئ في حالة انسجام معنويّ بين كلّ مجموعة من الآيات، وما سبقها، وما تلاها.
اللُّغة: وفيها يهتمّ بتبيين المعاني اللُّغويَّة للألفاظ المُفردة في مجموعة الآيات التي سيأتي على تفسيرها. ويركز على المعنى اللُّغويّ الخاصّ بالآية، مُعتمدًا على قاعدة التفسير القائلة بتحرِّي الأشهر من المعاني.
سبب النزول: ويخصِّص هذا العنوان لإيراد سبب نزول الآية -أو الآيات- إنْ كان لها سبب خاصّ في نزولها.
التفسير: وهُنا يأتي على تفسير الآيات جُملاً بعد جُمَل، أو يُقلِّلها لكلمة حتى. يُؤسِّس هذا على هدف واحد هو إيصال المعنى أمام القارئ، وصناعة سياق مُنسجم من المعاني.
فائدة: وهو عنوان قليل الظهور، وتحته يورد ما يأتي في الآيات من فوائد معنويَّة فكريَّةً كانت أو أخلاقيَّةً أو رُوحيَّة أو… كلُّ هذا غرضَ تعزيز الإفادة للقارئ.
لطيفة: وهو عنوان قليل الظهور جدًّا. ويورد فيه لطيفة معنويَّة في الآيات. مثل قوله -ج٣، ص٣٢٨- في تفسير سورة “الجمعة”: التعبير بقوله تعالى (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) -آية٩- فيه لطيفة؛ وهي أنَّه ينبغي للمسلم أنْ يقوم إلى صلاة الجمعة بعزيمة وهِمَّة، وجدٍّ ونشاط. لأنَّ لفظ السعي يفيد الجد والعزم. ولهذا قال الحَسَنُ البَصريُّ: والله ما هو سعيٌ على الأقدام، ولكنه سعيٌ بالنية والقلوب”.
تنبيه: وهو عنوان أشدّ نُدرةً من السابق. وفيه ينبِّه الشيخ إلى شيء قد يفوت انتباه القارئ. مثل تنبيهه من سورة النساء -ج١ص٢٩٨-: “أمر تعالى في القتل الخطأ بإعتاق رقبة مؤمنة. والحِكمة في هذا -والله أعلم- أنَّه لمَّا أخرَجَ نفسًا مُؤمنة من جُملة الأحياء لزِمَه أنْ يُدخِلَ نفسًا مثلها في جُملة الأحرار…”.
البلاغة: وهو عنوان ثابت يبيِّن فيه الشيخ ملامح البلاغة في الآيات جامعًا بين العلوم البلاغيَّة الثلاثة (المعاني، البيان، البديع) دون التزام ترتيب أولويَّة -الأولويَّة أهميَّةً هي الترتيب السابق-.
تفسير الشيخ لبعض آيات الاعتقاد
قد تعرَّض الشيخ لبعض الانتقادات التي اتهمته بتأويل الصفات على مذهب الأشاعرة. وبغضّ النظر عن المسألة الأساسيَّة فقد ردَّ الشيخُ نفسُه على مُنتقديه بكُتيِّب أسماه “كشف الافتراءات في رسالة التنبيهات حول صفوة التفاسير”.
فما زال الشيخ المترجم على دأبه في خدمة العلم، وطلبته والتأليف والتحقيق.
رحم الله الشيخ الصابوني،توفي يوم الجمعة ١٩ مارس ٢٠٢١ ميلاديًّا، الموافق 6 شعبان ١٤٤٢ هجريًّا، في مدينة يالوفا التركية عن عمر ناهز ٩١ عامًا.
حقا لقد كان أمَّة..
كم نهلنا من معينه..
كم أفدنا من كتابه..
أعني كتابه الصفوة.. صفوة التفاسير
وهو لعمري خير ما يمثله. علمًا وفكرًا .. وبلاغةً ولغةً.. وخلقًا وأدبًا.. وفهمًا وعزمًا..
أحر التعازي لأهله وأولاده وتلامذته وأحبابه..بل للأمة جمعاء.. أخلف الله عليها… وجزى الشيخ عنها خير الجزاء وأوفاه.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
• ما أكثرَ مَن فقدْنا من علمائنا.. وما أشدَّ حسرةَ من فاته أن يصحبهم وينتفع بعلمهم وحالهم وقالهم ..
جاء في الأثر:
مَثَلُ الْعَالِمِ مثَلُ الحَمَّةِ [عين مَاء حَار يستشفي بهَا الْمَرْضَى] يأْتيها البُعَداءُ وَيَتْرُكُهَا القُرَباءُ، فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذ غَارَ ماؤُها وَقَدِ انْتَفَعَ بِهَا قَوْمٌ وَبَقِيَ أَقوام يَتَفَكَّنون، أَي يتندَّمون.
• يا صاحب الصفوة..
جعلك الله مع الصفوة من عباده العلماء العاملين..والنبيين والصدِّيقين.. والشهداء والصالحين.. وحسن أولئك رفيقًا يوم الدين..
فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ