فأوصيك حين المفارقة بوصايا رمضانية تكون لك نبراسا ومشعلا منيرا ينير دربك وطريقك إن شاء الله وأعتقد جازما بأنك إن استقمت استقام صرح الدين وبنيانه وتحتضن السعادةُ الأمةَ.
فلذة كبدي وموئل الأمة
بدأنا نشم نسائم رمضان من ساعتنا هذه ونحن في شعبان المعظم شهر كانت عناية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- به كبيرا لأنه كالمقدمة للمطلوب والمقصود؛ كما تتجلى هذه الحقيقة في الدعاء النبوي حين حلول هلال رجب الدال على حرصه وولعه لرمضان المبارك «اللهم بارك لنا رجب وشعبان وبلغنا رمضان»
فأوصيك حين المفارقة بوصايا رمضانية تكون لك نبراسا ومشعلا منيرا ينير دربك وطريقك إن شاء الله وأعتقد جازما بأنك إن استقمت استقام صرح الدين وبنيانه وتحتضن السعادةُ الأمةَ.
١- أظهر حرصك وشوقك نحو رمضان منذ الآن بالدعاء النبوي «اللهم بلغنا رمضان»
وكن متململا كالعاشق الذي بعُد عهده بمعشوقه وحان وقت اللقاء والزيارة، فهو بدأ التزين والتريث وعدّ الساعة، وتخوف أن يحرمك الله من رمضان وقوّ فيك هذا الشعور والإحساس.
٢- ابدأ المطالعة في فضائل رمضان وأحكامه وفلسفته واستفد من كتاب ابن أبي الدنيا باسم «فضائل رمضان» و«إحياء علوم الدين» للغزالي وكتاب الشاه ولي الله الدهلوي باسم «حجة الله البالغة» فرع الصوم وفلسفته، «والأركان الأربعة» للندوي و«مع الصيام» لسلمان العودة وسائر الكتب المصنفة في الصوم تجدها في المكتبات العامة والخاصة إما شراءً و إما عارية.
٣- الصوم الحقيقي الخالي عن المفسدات الظاهرية والباطنية ترياق مجرب ومعجزة شفى كثيرا من الأمراض الروحية والأخلاقية والجسمية وصَنَع من صاحبه إنسانا جديدا كأنه مولود جديد بخلايا جديدة وقوة خارقة للعادة فعليك بالحفاظ على صومك مخافة أن يفسده الشيطان ويبطل أثره فالحذر من الوقوع في الذنوب والغفلات كالكذب والغيبة والنميمة والشهوة واللهو و…
٤- اتفق العلماء على أن ترك الأكل والشرب ليس هو المقصود الرئيسي من الصوم؛ بل المقصود هو ممارسة التقوى بترك الحلال حتى تتقوى النفس على ترك الحرام مستدلين بهذاالحديث: «من لم يدَع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»
فضيِّق على النفس هواها، حتى تبلغ مرادها وتتطهر من الرذائل، وكثير من الصائمين يُكثرون من النوافل والتلاوة ويمهلون هذاالجانب فهم مغرورن مخدعون محرومون.
٥- هذا الشهر هو شهر المواساة والإنفاق، فبادر إلى ما سلّحك الله وأنفِق على الناس من علمك ونصحك إن لم يسلحك بالمال الكثير ولا تترك الإنفاق المالي، وإن كان بكأس ماء أو لبن أو شق تمرة.
٧- شهر رمضان شهر أنزل فيه القرآن بنص القرآن وهو أكبر حادث غير مجرى الإنسانية من الضلالة والانحطاط وفقدان الهوية إلى الاعتلاء والهداية والشعور بالمسؤولية.
وكل آية منه دالة على أنه أنزل من لدن رب العالمين وفيه العجائب التي لا تنقضي أبدا لمن أحضر قلبه وفكره وألقى السمع وهو شهيد.
فيا أخي الطالب والحافظ للقرآن!
اهتم بالقران في هذا الشهر وسارع إلى هذا الخير بختمة في التراويح، وختمة في السنن، وختمة في نوافل النهار، وختمة في التهجد، وختمات نهارية وليلية من القرآن؛ فإنه روي من الإمام الشافعي أنه يختم القرآن في رمضان واحدا وستين مرة، ومثل ذلك روي من الإمام أبي حنيفة، والإمام مالك يترك رواية الحديث ويشتغل بالقرآن فقط.
بجانب ذلك والأهم فالأهم أن تكون متأملا في الآيات بالمراجعة إلى ترجمة الآيات والتفاسير؛ لتتفهمها حق التفهم وهذا هو الجانب المغفول عنه في زماننا فلا تهمله أنت.
٦- الدعاء مخ العبادة وسلاح المؤمن والرابط بين العابد والمعبود وعلامة محبة الله لعبده وقربه إليه ورمضان هو الزمان والمكان المناسبان لإحراز هذه الفضيلة الخاصة؛ لاسيما وقد وعد النبي الكريم والصادق المصدوق بأنه يقبل من الصائم دعاءٌ؛ فكن نشيطا في الدعاء في السحر وقت نزول الله في جوف الليل ونداءه لعباده العصاة المذنبين، وقبل الإفطار فاجلس في المسجد بعد العصر واحبس نفسك وفرِّغها لمناجاة ربها واطلب من الله السعادة الدنوية والأخروية؛ فإنه رب كريم جواد رحيم منان يمن على أهل طاعته.
وإن وفقك الله بأن تقرأ المناجاة المقبولة للإمام التهانوي -رحمه الله- فلك جزيل التوفيق فويل ثم ويل لمن حرم الدعاء في شهر الدعاء ويا له من خسارة فادحة.
اللهم لاتحرمنا من الدعاء ولا تطردنامن بابك .
أرجولك رمضان مليئا بالتوفيق والخير والسداد والهداية والغفران والرضوان حسبنا الله ونعم والوكيل ولاحول ولاقوة إلابالله العلي العظيم.
- نویسنده: مجتبى أمتي