إثارة الرحمات الإلهیة إلی الکرة الأرضیة؛ في الحیاة المتلهّبة المعاصرة نزول الرحمة یحصی من أعظم النعم للإنسان. نحن نحتاج إلی رجال فوّاحين بعطر السیرة لیثیروا النعمات وینزلوا الرحمات من فوق سبع سماوات إلی الأرض، ومن الغیوم إلی القلوب، ومن الصدور إلی القیود المغلّقة بالوجود.

الحمد لله الذي أنزل علی عبده الکتاب ولم یجعل له عوجا وأرسله بالحق بشیراً ونذیراً وداعیاً إلی الله بإذنه وسراجاً منیراً.
أمّا بعد: أرید أن أکتب حول رجل لم تثنه الأشواك الخطیرة والشدائد الجسیمة عن غرضه. ما غرض هذا الشخص؟!… إخراج الناس من ظلمات الوهم إلی إضاعة التعقّل والفهم؛ ترسّب القرآن في نفسه، ویحبّ أن یرسخ في نفوس الناس؛ لا یحبّ التّکاسل والتّلکّأ في سبل السلام؛ ما وعت ذاکرة التاریخ من هذا الشخص إلّا معروفاً.
الیوم أساطیر الأوّلین والأساطیر المختلقة اختطفوا ألباب النّاس وعقولهم؛ ولکن هذه الشخصية الألمعية الفذة نسيت؛ العبقري الّذي هو قدوة للأبرار وأسوة للأخیار.
هذا الموضوع أقلقني وحرّض فيّ شغف الرّسول -صلى اللّٰه عليه وسلم- وإضاءة السّیرة، وعزمت أن أکتب عن طرق بسیطة لإحیاء اسم الرّسول -صلى اللّٰه عليه وسلم- في ضواحي العالم.
الأول:
المطالعة والمطارحة حول الشّبهات التي نجد علیها حینما نسمع هذه الشّبهات تتمزّق قلوبنا وتخترق رؤوسنا من ألم إیذاء الرّسول -صلى اللّٰه عليه وسلم- أن لم یقصّروا في إیذاءه وإحراق قلبه.
أیّها الطّالب الیوم هذه المسئولية الخطیرة علی کواهلنا والیوم نحتاج إلی قائدٍ ذکي یقود هذه الأمة المحفوفة بالشّبهات؛ فإذا سنحت الفرصة تحدَّ أعداء الرّسول -صلى اللّٰه عليه وسلم- وطالع، وطارح سؤالاً یغزو قلب أعداء الرّسول.
الثاني:
حفلات السّیرة، تکوین الهیئات والمنظّمات في کل قریة وکل مدینة؛ لأن الشّباب بفاقة مّاسّة إلی مثل هذه المنظّمات وهذا یزید علی شغف الشباب وهم یُزیلون قاذورات ونفایات القلوب بإضاعة السّیرة. الشّباب یجذبون أفئدة النّاس لاسیِّما أترابهم القانتین لهم ولأحکام رسول اللّه.
الثّالث:
تنفیذ السّیرة في الحیاة؛ العمل بالقرآن والسیرة رکنان أصلیان من أرکان التقدّم في الحیاة والآخرة؛ لأنّّ عائشة -رضي اللّٰه عنها- قالت: کان خلقه القرآن.
تنفیذالسیرة في الحیاة مصنع للرجال، ومن جانب آخر عدم تنفیذ السیرة في الحیاة ینشئ الکوارث المروعة، ویبتلي الإنسان بجهد البلاء ،ودرك الشقاء، وسوء القضاء.
الرّابع:
استقراء العلماء السیرة، واستعمالهم في عرصات، ومجالات طازجة في فنّ السیرة؛ لأنّ الله أتاح لهم الفرصة، وعلیهم أن یشعلوا استعداداتهم بالجزم بأن الشباب غصن من أغصان الأمة، فعلینا أن نعبأ بهم؛ لأنّهم رأس الأمّة، ووصلوا إلی نضج الفکر والفهم.
فوائد السیرة:
الأولى:
إثارة الرحمات الإلهیة إلی الکرة الأرضیة؛ في الحیاة المتلهّبة المعاصرة نزول الرحمة یحصی من أعظم النعم للإنسان. نحن نحتاج إلی رجال فوّاحين بعطر السیرة لیثیروا النعمات وینزلوا الرحمات من فوق سبع سماوات إلی الأرض، ومن الغیوم إلی القلوب، ومن الصدور إلی القیود المغلّقة بالوجود.
الثانية:
التحلّي بأخلاق الرسول؛ ینقل إشراقة وجهه إلی وجه من یستذکر له السیرة، ویتلألأ وجهه تلألأ البدر، ومن یهتمّ بالسیرة يمتاز عن الآخرين، وینقّىٰ قلبه من الأدناس کما ینقّى الثوب الأبیض من الأنجاس، ویتخلّی ذهنه من السفاسف والأمور الهزلة، ویعمل عمل نبیه، ولا یتکلّم في غیر حاجة، والناس یفتخرون به، ویکون سبباً للهدایة، والرضایة من السیرة.
الثالثة:
التأهّب والتأهّل لخدمة الناس؛ من یعرف هذه الوتیرة الجدیرة یدرك أنّ الطّریق محفوف، ومحجوب بالمشاکل؛ قال رسول الله -صلى اللّٰه عليه وسلم-: «لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ»
من یتبیّن السیرة یفهم أنّ نبیّنا -علیه الصلاة والسلام- اضطلع بمسئولیة عجزت الجبال الراسیات عن تحمّله، فیستنتج أنّ الصبر مفتاح النصر، وأنّ النّصر مفتاح الفرج، وراحة العقبی.
فیا إخواني!
هذه المسئولیة الجسیمة على عواتقنا؛ فماذا نفعل لتکییف الأمة الواحدة السعیدة في ضوء السیرة والقرآن؟! هل بوسع رجل من هذه الأمّة أن یبرز القوة المغموصة المتنوّمة، وینقذ الأمة مرة أخری؟! نعم! من جدّ وجد، ومن قرع الباب سیفتح له باب السیرة. فلزام علينا أن نتقدّم في السیرة، ونتمتّع بالسیرة، وأن نعيش في السیرة، وتعيش فینا السیرة ولا بدّ لنا أن نحمي من الشباب، ونستعمل السیرة في حیاتنا لنصل إلی الرقي المنشود، وننقذ الأمة من الظلمات، وندخلهم في ضوء السیرة.
لدینا خبراء أجلة لا بدّ من استعمالهم لردّ الشبهات، وإیجاد الشبهة في الیهود والنصاری. لماذا یطارح الخصم أسئلة متشتّتة، ونحن دائما ما نكتفي بالإجابة؟ لماذا لا نتقدّم خطوة ولا نتحدّى العدوّ بإدانات واحتجاجات مُرّة لاذعة؟! من لجّ ولج، ومن ألحّ علی دقّ باب السیرة یفتح له باب الرحمة. الرحمة یحیطکم إذا تمسّکتم بالسیرة؛ لأنّ السیرة بعد القرآن أوثق العری. نحن أمة هذا النبي -صلى اللّٰه عليه وسلم- وهو کان قرآن حيًا عاش بين أظهر المسلمين؛ فیجب علینا أن نسلك مسلکه.
وفّقني الله وإیاکم لإشاعة السیرة المحمدية.
  • نویسنده: حامد مغني